
بـاتوا على قللِ الأجبال تحرسُهم * غُـلْبُ الـرجالِ فما أغنتهمُ القُللُ
واسـتنزلوا بـعد عزّ من معاقلهم * وأودعـوا حفراً يا بئس ما نزلوا
لا لوم على طاغية بني العباس المتوكل إذا ما بكى ، فالأبيات التي صقعت مسامعه لم يتفوه بها شاعر أديب ولا منشد لبيب بل خرجت من لسان إمام عظيم مسدد من الرب الحكيم ..
لو أن للمتوكل عقل لما اكتفى بالبكاء بل لخرج من القصر حافيا كما خرج بشر الحافي من بيته حينما قرعت مسامعه تلك الكلمات التي نقلتها إليه جاريته عن الإمام الكاظم عليه السلام ..
أبياتُ تحكي حال حكام الجور في هذه الحياة وما سيكون عليه حالهم بعد الممات ، لم تعني تلك الأبيات شخص المتوكل بل هي عامة لكل من شمخ بأنفه وطغى وتجبر بعد أن أعطاه الله أقطار الأرض وآفاق السماء وبعد أن رأى الدنيا له مستوسقة والأمور متسقة ..
أبياتٌ خالدة يقرأها المؤمن فيخشع خوفاً من العاقبة ويقرأها الفاجر فتدمع عيناه من رؤية المصير الذي يأووال إليه إلا أن الرين الذي على قلبه والغرور الذي هو عليه لا يمنعه من أن يرتدع ويرجع ..
لقد أبان الإمام الهادي عليه السلام في أبياته العصماء ما وراء الديباج والحرير وما وراء الحرس والخدم وما وراء البغي والمجون وما وراء الجلاوزة ، فما وراء الديباج تراب وما وراء الحرير دود وما وراء البغي والمجون نار وما وراء الحرس والخدم والجلاوزة ملائكة شداد غلاظ ..