
إن المهارات التي يجب أن يتحلى بها القادة والمدراء والشخصيات الإجتماعية لضمان نجاحهم في تعاملهم مع الناس معتمد على ثلاث محاور: محور (الفهم والتواصل) ومحور (الجذب والتأثير) ومحور (الحث والتحفيز) للأفراد لتحقيق النجاح في التعامل معهم ودليلنا في استكشاف هذه المهارات سيرة وأقوال أمير المؤمنين علي (ع) واتباع أسس هذا الفن عند الأمير يقدم لنا قواعد رصينة و آمنة لإنجاز التواصل الناجح بين أفراد المجتمع لتحقيق أهداف معينة ويمكن السير على تلك الأسس العلوية باطمئنان لأنها تحقق لنا الغايتين الدنيوية والأخروية.
ومن وحي الوصي (ع): إذا بلغ المرء من الدنيا فوق قدره، تنكرت للناس أخلاقه.لتقريب المعنى نطرح هذا المثال، هناك معايير ومحكات لإختبار جودة المواد والمنتجات وغيره من أجل التأكد من متانتها ومدى ثبتت أدائها في الظروف الصعبة المختلفة وكذلك التأكد من نقائها وأصالة معدنها. وكذا الحال لو اسقطناه على البشر ومدى ثباتهم وعدم تنكر او تبدل حالهم أمام المغريات والظروف بأنواعها ومن تلك المعايير القصيرة المدى هو السفر فالصاحب يعرف فيه حيث تتكشف طبائعه وأخلاقه عند مصاحبته ولكنه ليس المقياس الأكثر دقة.
أما المعيار الأكثر مصداقية وأوضح دلالة على معادن الرجال هو تولي الولايات والمواقع القيادية فهي تكشف عن مكنون نفوسهم وأصالة معادنهم وصدق إيمانهم بأهدافهم وفي نفس الحال والوقت تتكشف عقدهم النفسية او شعورهم بالدونية. وكل ذلك يتبين من خلال سلوكهم قبل وبعد، ومدى إيفائهم بما قطعوه على أنفسهم. فتجد أحدهم ما ان يتقلد أبسط تلك المواقع إلا وتنكرت لك أخلاقه وكأنه لم يعرفك او يرك من قبل! وان تحدثت إليه أجابك شذرا وعنوة وكأن إجابته تمننا منه وصدقة عليك! يمشي وشعورا يخالجه انه افضل واعلم وارفع من الجميع وان علا شأنهم او بلغت مكانتهم، حتى وان تعبد يرى نفسه من الخُلّص فهو ثالث ثلاثة او رابع اربعة مقبولة صلاتهم دون الآخرين. لذا نرى في مقولة أخرى للأمير (ع): إذا ولي صديقك ولاية فاصبته على العشر من صداقته فليس بصاحب سوء. هنا يرى الإمام أن من يتولى منصباً من الأصحاب او الأصدقاء ويبقى على 10% من الود لك فهذا انسان جيد وأحسن حالاً من غيره الذين يصيبهم التورم النفسي والتنكر الأخلاقي بسبب تلك المناصب وقّانا الله واياكم من شرور .