“التوعية بقضايا العنف ضد المرأة ترفع من مستوى الوعي لدى أفراد المجتمع كافة وتخلق بيئة أسرية متوازنة من الانسجام وتكامل الأدوار” هكذا عبرت الأستاذة رجاء البوعلي في ندوتها “هل يوجد عنف ضد المرأة في مجتمعنا؟”، والتي قدمتها في منتدى النور النسائي بالأحساء مساء الأحد الماضي.
حيث استهلت الافتتاحية بآيات من الذكر الحكيم، ثم قدمت الأستاذة هيفاء بوخمسين كلمتها الترحيبية، وألقت أبياتا شعرية في ذكرى ميلاد سيد البشرية محمد عليه أفضل الصلاة وأتم التسليم. بعدها عّرفت بالأستاذة رجاء البوعلي الكاتبة والناشطة اجتماعيا، بأنها حاصلة على درجة البكالورويس في الأدب الإنجليزي من كلية الآداب والتربية بجامعة الملك فيصل، ودبلوم في الإرشاد الأسري، كما أنها مدربة معتمدة من جهات عدة، وقد دربت على برامج متعددة في التنمية البشرية ووقف العنف ضد المرأة وتأهيل الشباب.
في البداية وضحت البوعلي الهدف من إقامة مثل هذه البرامج والفعاليات التوعوية، واعتبرتها عاملا مساعدا في صناعة بيئة متكافئة بين الرجل والمرأة، وايجاد حواضن أسرية متوازنة ومتكاملة، واعتبار المرأة عنصرا فاعلا كامل الأهلية قادراً على صنع موازنة بين المطالبات والتنازلات في الأسرة، وتفهم طبيعة الوسط الأسري والمجتمعي، والتوفيق بين أدوارها المختلفة.
شددت البوعلي على أن وعي المرأة بكامل حقوقها وصلاحياتها لا يتنافى مع مبدأ لين الجانب والتضحية والتنازل في بعض الحالات، كما أنه لا يؤثر على طبيعتها الأنثوية وحسن معاشرتها. واعتبرت ان الحالات المتمردة السلبية ليست إلا نتيجة لأسباب عدة من أهمها: البيئة المتسلطة والقامعة، والتجارب الصعبة؛ التي انعكست اثارها بشكل سلبي.
واستعرضت البوعلي بعض أشكال العنف على المستوى العالمي؛ ومنها: كي الثدي في الكاميرون وختان الإناث في بعض دول أفريقيا، كما ناقشت صورا للعنف المحلي؛ والذي يبدأ بعض منذ الولادة؛ واعتبرت البوعلي ان المجتمع لازال ممسكا ببعض القناعات الجاهلية كالحزن وعدم الرضا لانجاب الإناث فقط. كما تطرقت لكثير من ممارسات العنف ضد المرأة، ومنها ما تواجهه المطلقة والمتأخرة في الزواج، ورأت ان ذلك لا يعدو كونه إرثا اجتماعيا وثقافيا تغذى عليه مجتمعنا لسنين طويلة، وفيه من الظلم الشيئ الكثير.
كما تطرقت البوعلي إلى أهمية الدراسات والبحوث في هذا المجال، وقدمت ارقاما لدراسة حول “عنف الشريك” في الأحساء؛ أجريت على 2000 عينة من النساء المتزوجات أو اللاتي سبق لهن الزواج، كشفت عن 18% تعرضن لعنف جسدي، و35,9 عنف نفسي، و 9, 6عنف جنسي، 7% تعرضن للضرب على البطن، بينما 11% ضُربن أثناء الحمل. كما أشارت لصعوبة الحصول على المعلومة أثناء الدراسة، حتى من المرأة المعنفة، ذلك من شدة الخوف.
بعد ذلك عددت بعض الدوافع والأسباب خلف هذه الممارسات، ثم تناولت أساليب المعالجة، واعتبرت ان التحديات تبدأ من تغيير بعض المفاهيم الخاطئة والأفكار الموروثة السائدة، وتنتهي بالتوعية القانونية وفرض الشروط بشكل طبيعي، وتعويد المرأة على ضمان حقوقها وعدم انتهاكها، كما اثنت على اقامة البرامج التأهيلية للمقبلات والمقبلين على الزواج، واعتبرت ان تلك خطوة ايجابية، وبحاجة إلى تطوير أكثر و تمديد وتفصيل أكثر.
وأكدت الأستاذة رجاء ان العنف ضد المرأة ليس حصرا على ممارسات الرجل، بل أن المرأة قد تكون شريكة مباشرة أو غير مباشرة في ذلك. وحثت على ضرورة تفعيل الوعي بشكل فعلي وليس نظري فقط.
وقد شاركت بعض الحاضرات بمداخلات ثرية وموجهة في صلب الموضوع، فتحت عبرها آفاق الحوار عن بعض القضايا الشائكة والمتشابكة في واقع المرأة، كالأحوال الشخصية وغيرها من التعقيدات.
في الختام شكرت الأستاذة هيفاء بوخمسين الحاضرات على تفاعلهن ووجهت شكرها الجزيل نيابة عن إدارة المنتدى للأستاذة رجاء البوعلي على تألقها وتكامل طرحها.