[JUSTIFY]يعيش الأغلب منا في مطاردة وتسابق.. لاصطياد المآرب دون هوادة ومن خلفنا مآقٍ موجوعة وأحلام مفزوعة.. قد كبلتها أيادي العوز والحاجة دون صيد أو قيد!
الأفواه تتكاثر، والآلام تتناثر وما أحوج الوقت لسوء المنقلب.. فلعل وعسى بردهات الزمان تفيق الضمائر النائمة، والمستترة بذلك الرداء الأجوف!ومررنا ببيوت قد فطر الفقر قلوبها قبل الجدران، وظل ينخر في أضلاعهم حتى الحسبان، ونادى طفلهم يمه جوعان!ولكن، من أين للأم إطعامه إلا بكسيرات خبز الصبر، والنظر إلى نافذة السماء!
نعم، مرت الأيام، واستشعروا الإحراج بين هذا وذاك.. لتمسهم حفنة مالٍ بعد اللتيا والتي لتسد رمقهم الأخير.. شريطة صورة التوثيق للنشر والإعلام!
كلمة حقٍ و رؤية أخرى في صلب الموضوع للخال/ ياسين بن جمعة الصالح فما زال الخير ينمو في الثلة الباقية.. فقد يسرت الظروف أن أكون معه في زيارة دار العجزة!
كنت أتبعه وهو يسلّم على الجميع بحرارة وحرقة قلب، ولا أعلم من منا يقدر على استنطاق هذه المواقف، و ما تنزفه من وجع ودموع؟!وكان كبار السن هناك يستبشرون بزيارته لهم، فعلمت أنها ليست الأولى له لزيارتهم.. إلى درجة أنه يخرج ما في جيبه من مكسرات وسكاكر ليهديها إياهم، وهم يضحكون رغم أنهم في عمره، و لربما أكبر!
وجوههم نورانية، وتسبح في أغادير الإيمان، وألسنتهم تنضح بالدعاء، والخير الوفير له، ويرد عليهم: “ما سوينا شي يا يبه” يسلم على هذا ويعطف على ذاك.. ليصفعني قول أحدهم له: “تراك طولت هالمرة يا حجّي ما جيتنا من زمان” – المكان يُخيم عليه الهدوء، والكراسي فارغة، ومتراصة بانتظام.. بانتظار المتعطف على من أفنوا أعمارهم، وأبدانهم، وأموالهم، وصحتهم، ليكبروا.. ولكن، أين الخاتمة؟!
.. تكررت الزيارة ثلاث مرات متباعدة لي معه، والحال كما هو الحال عدا تناقص أعدادهم لاشتياقهم لنوم البرزخ، ومخيط الكفن!
تطفلت بسؤالي ذات مرة، وقلت لأحدهم: يجون الأولاد لك؟! فاغرورقت العيون، وأجهشوا بالبكاء والنحيب.. ولك ما شئت بالتخيّل وما آلت له النتيجة! كنـــت أظن، وأُقنع نــفســــي أنــهــم لا يستطيعون التحرك أو العناية.. فتبينت بأنهم يديرون شؤونهم بأنفسهم للأغلب.. فرحماك يا الله بكبر سنهم وتكالب الزمان عليهم! عاشوا بعين الله وصبروا لله وفي الله وما كان لله ينمو كما جاء في الخبر.
والسؤال هنا : لماذا هم فرحوا بمولدنا ومجيئنا للحياة، وما سيصدر منا بكل مراحل أعمارنا، وحينما هرموا نلوم، ونصرخ عليهم لأفعالهم اللا إرادية ؟!فعلى ماذا تُعد الأماكن لرحيلهم، وتضيع الأموال لدفنهم، وتنعى الألسن غيابهم وموتهم؟! هل الخوف من لوم الناس، وكثرة الحديث، أم تفعيل بند أسكت عني وأسكت عنك للمصحلة والتملق؟
[/JUSTIFY]
بقلم / عادل بن حبيب القرين