[JUSTIFY]ظن يزيد بقتله للحسين عليه السلام أنه سيبسط سلطانه على ربوع الأرض لسنين عديدة يُمسك بها زمام الخلافة المزعومة بيدٍ من حديد يُسكت الإعلام المخالف ويقضي على كل ثائر ويستقلها في استعباد المستضعفين من خلق الله ..
خاب ظنه وافتضح أمره بمواجهته لإعلام علوي أخرس إعلامه وأبان عورته وألَّبَ عقلاء الأمة فثاروا عليه لتكن النتائج سريعة في القضاء على ملكه والخلاص من بطشه وظلمه ..
لقد خطط سيد الشهداء عليه السلام لحركته المباركة تخطيطاً دقيقاً بعون الله له ورَسَمَ معالم إنتصاره من خلال تقسيم حركته إلى قسمين قسماً نهض به هو وصحبه بطابع عسري انتهى في يوم عاشوراء بجريمة بشعة لم يشهد التأريخ لها مثيلاً سُفك على إثرها دمه الطاهر على تراب كربلاء ورُفع على رأس السمهري رأسه وقسماً أوكله إلى ولده العليل الإمام زين العابدين عليه السلام والسبايا من النساء والأطفال بقيادة الحوراء زينب عليها وعليهم سلام الله بطابع إعلامي مكملاً للطابع العسكري الذي بدا للظالم فيه انتصاره بقتله للإمام الحسين عليه السلام ..
لقد قامت لبوة علي عليهما السلام بالدور الذي أوكل إليها بإتقان من قبل أخوها سيد الشهداء كيف لا تتقنه وهي بضعة بليغ البيان أمير الكلام مترجم القرآن ..
تمكنت الحوراء زينب عليها السلام من قلب الطاولة على الظالم بإبدائها لحقائق أخفاها الإعلام الأموي على عامة الناس بأكاذيب ما أنزل الله بها من سلطان أهمها أن الحسين عليه السلام خرج عن حده فقتل بسيف جده
أول عمل قامت به الحوراء وسجله التأريخ بحروف النور رفعها لجسد الإمام الحسين مناجية ربها (اللهم تقبل منا هذا القربان) وفي الكوفة خطبت خطبة بليغة أبكت لها العيون جاء فيها أتدرون ويلكم أي كبد لمحمد صلى الله عليه وآله فريتم؟ وأي عهد نكثتم؟! وأي كريمة له أبرزتم؟! وأي حرمة له هتكتم؟! وأي دم له سفكتم؟! لقد جِئْتُمْ شَيْئاً إِدّاً تَكَادُ السَّمَاوَاتُ يَتَفَطَّرْنَ مِنْهُ وَتَنشَقُّ الْأَرْضُ وَتَخِرُّ الْجِبَالُ هَدّاً لقد جئتم بها شوْهاءَ صلعاءَ عنقاءَ سوداءَ فقماءَ خرقاءَ كطلاع الأرض أو ملءِ السماء أفعجِبتُم أن تمطرَ السماء دماً ولَعذابُ الآخرةِ أخزى وهُم لا يُنصرونَ فلا يستخفَّنَّكم المَهَلُ فإنه عزوجل لا يحفَزُه البِدار ولا يخشى عليه فوتُ الثارِ، كلا إن ربك لنا ولهم لبالمرصاد
وعند إدخالها على ابن زياد جرى بينها وبينه حوار أُورد مقطعاً منه ، قال ابن زياد: كيف رأيتِ فعل الله بأهل بيتك؟! فقالت: ما رأيت إلا جميلاً، هؤلاء قوم كتب الله عليهم القتل، فبرزوا إلى مضاجعهم، وسيجمع الله بينك وبينهم فتحاج وتخاصم فانظر لمن الفلج يومئذ، ثكلتك أمك يا ابن مرجانة ، تمكنت عليها السلام من لجم لسانه ، مما دعا به للبطش بها لإسكاتها لولا تدخل ابن حريث بقوله إنها امرأة والمرأة لا تؤاخذ بشيء من منطقها ..
في الشام عرت ذلك الطاغي المتغطرس بخطاب بليغ بعد أن رأته قابضاً على شيبة سيد الشهداء ينكتها بمسطرته مترنماً: ليت أشياخي ببدر شهدوا .. جزع الخزرج من وقع الأسل .. لأهلوا واستهلوا فرحاً .. ثم قالوا يايزيد لا تشل .. لعبت هاشم بالملك فلا خبر جاء ولا وحي نزل ..
أورد لكم شيئاً من خطابها ليزيد بن معاوية عليه لعائن الله ..جاء في خطابها عليها السلام ليزيد: أظننت يا يزيد حيث أخذت علينا أقطار الارض وآفاق السماء ، فأصبحنا نساق كما تساق الاسراء أن بنا هوانا على الله ، وبك عليه كرامة ، و أن ذلك لعظم خطرك عنده فشمخت بأنفك ونظرت في عطفك ، جذلان مسرورا حيث رأيت الدنيا لك مستوسقة . والامور متسقة ، وحين صفا لك ملكنا و سلطاننا فمهلا مهلا لاتطش جهلاً، إلى أن قالت: فكد كيدك واسعى سعيك وناصب جهدك فو الله لا تمحو ذكرنا ولا تميت وحيننا ولا تدرك أمدنا ولا تدحض عنك عارها وشنارها وهل رأيك إلا فند وأيامك إلا عدد وجمعك إلا بدد يوم ينادي المنادي : ألا لعنة الله على الظالمين ، فالحمد لله رب العالمين الذي ختم لأولنا بالسعادة والمغفرة ولآخرنا بالشهادة والرحمة و نسأل الله أن يكمل لهم المزيد ويحسن علينا الخلافة إنه رحيم ودود وحسبنا الله ونعم الوكيل ..
استطاعت الحوراء عليها السلام بخُطبها في الكوفة والشام أن تُلجم الإعلام الأموي وأن تُبدي حقيقة ذلك المتربع على عرش الملك متسلطاً على رقاب العباد فكان لخُطَبِها تلك الدور الأساس في قيام الثورات المتتالية والتي أنهت بحكمه سريعا ..
لقد خلدت الحوراء زينب الحركة الحسينية بعفتها وحجابها وإيمانها وبتنفيذ الخطة التي رسمها إلها أخوها الحسين ، فكانت بذلك النهضة الحسينية نبراساً لأحرار العالم على مرِّ الزمان من خلال الدم المنتصر على السيف والإعلام الصادق المُخرس لإعلام الضلال ..
لي وقفة في قادم الأيام ودور الإمام السجاد في خلود الحركة الحسينية المباركة بإذن العزيز الحكيم ..
[/JUSTIFY]
بقلم / أحمد النجار