إن التقدم التكنولوجي والمعرفي أصبح سمة من سمات العصر وهو نتيجة جهود الباحثين والعلماء على اختلاف لغاتهم ومشاربهم في شتى بقاع الأرض وأصبحت المعرفة اليوم تتضاعف يوماً بعد يوم وساعة بعد ساعة واعتمدت عليها الدول في تحقيق الرفاهية لمواطنيها
ومع هذا التطور المعرفي الذي أحدث طفرة في جميع المجالات وشتى مناحي الحياة أصابته الكثير من الجرائم التي أصبحت تهدد أمن وسلامة كثير من المؤسسات والدول حول العالم حتى تعدى تأثيرها على المستوى الفردي والمجتمعي الأمر الذي دق ناقوس الخطر لكي تهتم الدول بمؤسساتها المختلفة الرقابية والاجتماعية والتشريعية من أجل أن تتضافر الجهود لمنع هذا الجرائم التي تمس حياة المواطنين الخاصة والعامة من خلال مؤسساتهم أو حساباتهم الشخصية أو المالية أو بريدهم الالكتروني أو أجهزتهم الالكترونية والحاسوبية .
ومن هذه الوجهة فقد أولت وزارة الداخلية بالمملكة العربية السعودية هذا الموضوع جل اهتمامها ودعت له كل الطاقات ولذا وضعت التشريعات والقوانين التي من شأنها أن تحد من تزايد هذه الجرائم المعلوماتية وما إصدار الجهة التشريعية بالمملكة العربية السعودية لنظام مكافحة الجرائم المعلوماتية إلا خير دليل على عزمها على اجتثاث هذه الجريمة من جذورها والتقليل منها بما يحقق أمن وسلامة المجتمع .
الجريمة المعلوماتية لها صفات مختلفة عن بقية الجرائم العادية ومنها :
1- عالمية الجريمة : ليس في المجتمع المعلوماتي حدود جغرافية فهو مجتمع مفتوح عبر الشبكات والحاسبات فلا حدود له وهذا قد تسبب إلى ظهور الجرائم المعلوماتية لأنه يسهل على الجاني القيام بجرائمه من خارج نطاق الدول الجغرافية وسرعة انتقاله من مكان الى اخر
2- عدم وجود دليل مادي مرئي: إن الجريمة المعلوماتية لا تترك ورائها دليل مادي مرئي حيث إنها في مكان افتراضي من الصعب تتبعها وذلك على عكس الجريمة العادية التي تترك دليل مادي مرئي محسوس
3- سرعة تنفيذ الجريمة واخفاء معالمها بسهولة : الجريمة المعلوماتية يمكن تنفيذها بشكل سريع جداً لا تستغرق الا قليلا من الوقت ويكون المجرم قد أتم فعلته والذي يساعده على ذلك عدم تواجده في مسرح الجريمة وايضا وجود البرامج الحديثة التي ساعدت في تقدم هذه الجرائم وساعدت في اخفاء معالمها
4- عدم الإبلاغ على الجرائم المعلوماتية وخطورتها وعدم وجود حصر فعلى لعدد الجرائم: لا يوجد حصر يقيني لتلك الجرائم وذلك لعدم قيام بعض المجني عليهم بالإبلاغ عن وقوع جريمة معلوماتية عليهم وذلك من الخوف من التشهير لمساسها بحياته الشخصية مثلاً .
لما تحتوي الجريمة المعلوماتية من خصائص مميزة عن بقية الجرائم اود اقتراح
1- ضرورة النظر في قانون الإجراءات الجنائية وقانون العقوبات الحالية والعمل على تطويرها لتلاءم الجرائم المعلوماتية من تفتيش واثبات لما تتميز به تلك الجرائم المعلوماتية من خصائص تحتم لها أنظمة خاصة في التفتيش والإثبات .
2- تخصيص فريق للضبط وجمع الادلة والتحقيق في الجرائم المعلوماتية يكون مؤهل ومدرب تدريب عالي وفنيات عالية في مجال الحاسب الالي وشبكات الانترنت وإرساله الى أخذ الدورات التدريبية بالخارج وذلك لنشر الأنظمة الحديثة لدينا والمتواجدة في الدول المتقدمة
3- العمل الدولي وإبرام الاتفاقات التي تخدم مواجهة الإرهاب المعلوماتي والجرائم المعلوماتية على نطاق واسع من الدول فلا يمكن لدولة مواجهة هذه الجريمة بمفردها
واخيرا المشرع السعودي حدد عقوبات رادعة لمن يقوم بالجرائم المعلوماتية بدأت بعقوبات سجن عام وغرامة لا تزيد عن خمسمائة ألف ريال او بتلك العقوبتين ووصلت في جرائم الإرهاب إلى السجن لمدة عشر سنوات وغرامة بحد أقصى خمسة مليون ريال أو بأحد العقوبتين
طالب في كلية الحقوق جامعة الملك فيصل