عندما تقف امام المرآة وفي وهلة معينة ينتابُك شعورٌ ما شعورٌ عميق ويبدوا اصيلاً وبعيداً جداً ابعد من ان تقدر على إدراك معناه او ربما مواجهته.
الواقفون امام المِرآة أصناف،لكن الأغلب قد انتابهم ذاك الشعور ربما لوهلة او لساعات،منهم من تخطّاه او تناساه ومنهم من لم يقدر.
ولربما افضل وصف لهذا الشعور هو “الحيرة” أهذا مكاني؟ أهذه حياتي؟ أهذا انا؟ نحتار من مغزى الوجود وتبدوا الدنيا ضبابية بعينك أو ربما واضحة كأن الطريق الوحيد أمامك طويل بينما تتسمّر انت في مكانك متسائلاً إن كان هذا الدرب هو دربك.
عندما تنظر الى المرآة فأنت تنظر تحديداً الى عينيك هل عينيك هي المرآة؟ المرآة التي تنظر بها الى نفسك؟ وإن قلنا أن العين مرآة فأنت ترى نفسك في عينيّ كل شخصٍ تقابله وفي نفس الوقت ترى إنعكاساتك في كل كوب شاي وكل سِكّين وفي كل مرة أشرقت الشمس فبانَ ظِلُّك أنت لستَ وحدك فهذا الإنعكاس ملازم لك يتجلي في النور ويهدأ في الظلام ينام الوحش وتبقى انت و قد تنام معه لربما انت من تلازمه وليس هو…
السؤال هنا هو هل انعكاساتنا على المرايا وَهمٌ أَم حقيقة؟ عندما تنظر إلى انعكاسك في عينيك ماذا ترى؟ أهذا الشخص القابع في المرآة هو انت؟ ومن انت اساساً؟ أسئلة أجوبتها تتطلب وجود مغزىً منك.
لديّ عينين أيّ لديّ عالَمَين أيمنٌ مُستقبليّ وأيسرٌ قابعٌ في الماضي وشَتّانِ بينهُما.
هُناك فراغٌ في وسطِهِما تحدُّه السِّهام المُتراشقّة والنِّبال عالميّ يتقاتلان بينهما فراغٌ يُنتَظَرُ امتلاءه لا أدري اي عالمٍ سيُملأ ولربما سيأتي شيء آخر تماماً يغزوه “يغزوني“.
“في بعض المناطق التركية تؤمن العجائز بأن المرايا ليست أغراض ديكور وزينة ولم تكُن كذلك قط ولهذا لا يكتفينَ بزخرفة وجه المرايا فحسب بل يزخرفون ظهرها ايضاً ثم يُعلِّقنها على الحائط مقلوبة أي أننا نرى ظهرها لا وجهها ومتى ما صارت هناك حاجة لاستخدام المرآة وإعادتها إلى وضعها الصحيح تُغَطّى أولاً بقماشة سوداء يُفضَّل أن تكون من مخملٍ أحمر أو أسود تزيحين القماشة جانباً لتختلسي نظرة على نفسك وانتِ تصففين شعركِ أو تضعين الكحل ثم تعيدين الستار إلى مكانه.
كان يُظَنُّ دوماً بأن سطح المرآة خطير جداً وعليه ألّا يُترك مكشوفاً هكذا لمدة طويلة إنها عادة شرقية قديمة نُسِيَت هذه الأيام ولكن لا تزال هناك جدّات كثيرات يرَين في كل مرآة بوابة نحو الغياهب والمجاهيل اذا نظرت إلى مرآة لمدة طويلة هناك إحتمال كبيرة بأن البوابة ستُفتَح وتجذبك إليها”.
اقتباس من نص بعنوان”غريب في المرآة” من كتاب حليب اسود.
هنالك الكثير من الخرافات والأساطير تحوم حول المرايا في اغلب الثقافات فما سر المرايا وبماذا تريد ان تبوح لنانورة السميّن-حُور ؟